نسبة الربح الحلال في البيع بالتقسيط، منذ قديم الزمان وأمور البيع والشراء بين الناس، تسير وفق نظام ثابت متعارف عليه، لا ريب فيه.
ويُعتبر هذا النظام من مسلمات التعامل بين الناس، منذ أن كان البيع يتم بنظام المقايضة، بمعنى سلعة في مقابل سلعة، وحتى بعد سك العملات والنقود، والنظام واحد لا يتغير، سلعة ما في مقابل مبلغ من النقود يتم الإتفاق عليه بشكل مسبق، لا شيء غير ذلك.
بكل حالٍ من الأحوال كان هذا ملخص بسيط جدًا لعملية البيع والشراء بين الناس، ولكن مع التطور الطبيعي في المعاملات بين الناس، وأيضًا التطور الذي طال كل شيءٍ في حياتنا، ومع إزدياد حركة البيع والشراء، وكذلك إزدياد طلبات الأسر والأفراد لإقتناء الأجهزة الحديثة التي تطل علينا في كل ساعةٍ من نهارٍ أو ليل، وكمواكبة للتقدم المذهل الذي لحق بجميع المجالات.
كل هذه الأمور مجتمعة، دعت وساعدت على ظهور البيع بالتقسيط بهذه الصورة الكاسحة، على الرغم من أن البيع بالتقسيط كان موجودًا منذ أزمان بعيدة ولكن على إستحياء.
محتويات مقالة
نسبة الربح الحلال في البيع بالتقسيط
وكعادة الناس في كل الأزمان، واكب الإزدياد في حركة البيع بالتقسيط، إزدياد البحث على شبكة الإنترنت عن مدى مشروعية ذلك!
وهل البيع بالتقسيط حلال أم حرام؟
وأيضًا زاد البحث عن نسبة الربح الحلال في البيع بالتقسيط، وحرصًا من موقع أسرتي على توضيح الأمور، ووضعها في نصابها الصحيح، وحتى لا تلتبس الأمور لدى الكثيرين، سوف نتحدث في مقالنا هذا عن:
-
حكم البيع بالتقسيط.
-
آراء الأئمة الأربعة في البيع بالتقسيط.
-
نسبة الربح الحلال في البيع بالتقسيط.
نسبة الربح الحلال في البيع بالتقسيط
أولًا: حكم البيع بالتقسيط
{ وأحل الله البيع وحرم الربا } البقرة: أية 275
البيع مشروع في كل زمان ومكان، وكذلك في كل الأديان، وكما أسلفنا القول البيع يعني بمنتهى السهولة سلعة ما في مقابل مبلغ من المال متفق عليه.
أما البيع بالتقسيط فهو بيع السلعة على أن يتم سداد المبلغ المتفق عليه في الآجل وعلى دفعات شهرية أو يومية أو أسبوعية أو سنوية يحددها البائع والمشتري نظير نسبة من المال يُحددها البائع.
تعريف البيع بالتقسيط
البيع بالتقسيط، هو بيع سلعة ما بثمن مؤجل على شرط أداؤه على دفعات معلومة في أوقات محددة بزيادة محددة على الثمن الأصلي.
ويبقى البيع بالتقسيط موافقًا للشريعة الإسلامية إذا إلتزم شرطين أثناء عملية البيع هما:
- معلومية إجمالي ثمن السلعة حال البيع والإتفاق، بمعنى معرفة المشترى السعر الإجمالي للسلعة مضافًا إليها فائدة البيع الآجل.
- معلومية آجل السداد، بمعنى تحديد عدد الدفعات الشهرية، أو الأسبوعية، وتحديد موعد البدء في السداد، وكذلك موعد الإنتهاء من السداد، ويتم ذلك وقت البيع والإتفاق.
ثانيًا: آراء الأئمة الأربعة في البيع بالتقسيط
رأي الحنفية:
أجاز المذهب الحنفي، البيع بالتقسيط مع زيادة نسبة ربح محددة، على أن يُراعى الأتي:
- عدم مغالاة البائع في حساب نسبة الربح.
- أن يُعلم المشتري بنسبة الربح حال الإتفاق.
- أن يُعلم المشتري بعدد الدفعات المؤجلة، وبأصل المبلغ مضافًا إليه نسبة الربح.
وقد حدد المذهب الحنفي أنه يُعتبر إبتداء مدة الأجل والقسط المذكورين من وقت تسليم المبيع.
رأي المالكية:
قال مالك، في رجلٍ اشترى من رجلٍ سلعةً بدينارٍ نقدًا، أو بشاةٍ موصوفةٍ إلى أجلٍ قد وجب عليه أحد الثمنين: إن ذلك مكروه لا ينبغي، لأن رسول الله صل الله عليه وسلم قد نهى عن بيعتين في بيعةٍ، وهذا من بيعتين في بيعةٍ.
وقال أيضًا، في رجلٍ ابتاع سلعةً من رجلٍ بعشرة دنانير نقدًا، أو بخمسة عشر دينارًا إلى أجلٍ قد وجبت للمشتري بأحد الثمنين: إنه لا ينبغي ذلك، لأنه إن أخر العشرة، كانت خمسة عشر إلى أجلٍ، وإن نقد العشرة كان إنما اشترى بها الخمسة عشر التي إلى أجلٍ.
بمعنى أن أصحاب المذهب المالكي، قد أباحوا البيع بالتقسيط، على شرط عدم بيع بيعتين في بيعة، بمعني إجازة حساب نسبة ربح بمقدار الزمن المؤجل، مع توصية البائع بعدم المغالاة في حساب نسبة الربح، وكذلك تحقق شرطي البيع بالتقسيط من معلومية المشتري بقيمة المبلغ الإجمالي وكذلك عدد الدفعات سواء كانت يومية، أو أسبوعية، أو شهرية، أو سنوية.
نسبة الربح الحلال في البيع بالتقسيط
رأي الشافعية:
وقد أجاز أصحاب المذهب الشافعي أيضًا البيع بالتقسيط، وهم يعتبرون إذا كان الثلاثة نقدًا تساوي أربعة في النسيئة.
بمعنى أن تأجيل الثمن المباع به ودفعه على أقساط محددة المدة، يستوجب زيادة يحددها البائع، على أن يلتزم البائع بعدم المغالاة، وأن لا يظلم نفسه، وأيضًا لا يظلم المشتري.
رأي الحنابلة:
أجاز الحنابلة، البيع بالتقسيط مع حساب زيادة محددة في ثمن السلعة في نظير الوقت المؤجل لسداد الثمن، على أن يحدد المبلغ الأصلي وكذلك الزيادة المحددة، وعدد الدفعات في حال الإتفاق، وبموافقة البائع والمشتري.
نسبة الربح الحلال في البيع بالتقسيط
ثالثًا: نسبة الربح الحلال في البيع بالتقسيط
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال، قدم النبي صل الله عليه وسلم المدينة وهم يُسلفون بالتمر السنتين والثلاث فقال: من أسلف في شيءٍ ففي كيلٍ معلوم، ووزنٍ معلوم، إلى أجلٍ معلوم.
ومن كل ما سبق، نرى أنه لا خلاف على حكم البيع بالتقسيط طالما توافرت شروط صحته وهى:
- إمتلاك البائع للسلعة المراد شراؤها من قبل المشتري.
- معلومية المشتري بإجمالي الثمن مضافًا إليه نسبة الربح نظير البيع الآجل.
- معلومية المشتري بعدد الدفعات وموعد البدء والإنتهاء.
وقد أمر النبي صل الله عليه وسلم عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن يُجهز جيشًا فكان يشتري البعير بالبعيرين إلى أجل.
إذن فالبيع بالتقسيط جائز لا شبهة فيه، أما موضوع تحديد نسبة ربح حلال نظير الوقت المؤجل هى محل بحثنا وهى مناط مقالنا، ولم يرد عن أحد من أصحاب المذاهب الأربعة أنه قد حدد نسبةً محددة للربح، ولكن دارت فتاويهم كلها حول جواز البيع بالتقسيط مع توصية البائع بالتحلى بالخُلق والرحمة وعدم المغالاة في الزيادة، وفي سؤال لأحد الأشخاص موجهًا لدار الإفتاء المصرية عن نسبة ال 25% ربح للبيع الآجل حلال أم لا، فكان الرد لا شيء في ذلك.
وعن رسول الله صل الله عليه وسلم أنه قال:
” رحم الله رجلًا سمحًا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى “.
نسبة الربح الحلال في البيع بالتقسيط
خلاصة القول، أنه لا توجد نسبة محددة يلتزم بها البائع، وتكون بمثابة قانون يُحدد الزيادة وفقًا للمدد المؤجلة، كل ما في الأمر أن يكون البائع رحيمًا ذو خُلق غير مستغل لحاجة المشتري لهذه السلعة، وعدم إمتلاكه لثمنها في الحال.