تعريف الأسرة شامل في علم الإجتماع، هي أول ترابط مجتمعي أنجبته البشرية، فالأسرة عبارة عن خلية إنسانية مكونة من مجموعة أشخاص تجمعهم روابط روحية وسيكولوجية وفسيولوجية كالدم والعرق وصلة الرحم، وتربطهم صفات مترابطة كالسلوكيات والقيم والأخلاق، مُكونة في النهاية تحالف جماعي متماسك يتمثل في الأب والأم والأبناء، وبالتالي فالأسرة هي نواة المجتمع والمسؤولة عن بناؤه وتكوينه.
محتويات مقالة
تعريف الأسرة شامل في علم الإجتماع
تناول العلماء مفهوم الأسرة في علم الاجتماع بمفاهيم متعددة، وانفرد كل منهم بتعريف من منظوره الخاص وفيما يلي أبرز تلك التعريفات:
• يُعرف «مصطفى الخشاب» الأسرة بأنها جماعة بشرية منظمة مكفولة باستقرار المجتمع وترابطه وتقدمه.
• يُفسر«فوجل» الأسرة في علم الاجتماع على أنها هيكل بنائي مكون من ذكر وأنثى تجمعهم علاقة اجتماعية يسودها الترابط والتماسك.
• يقول «أرنست بيرجس» الأسرة رابطة مجتمعية بين رجل وإمرأة تربطهم علاقة الزواج ولكلاهما مهامه المنوطة به ويتقاسمان الحياة الاجتماعية، ويشتركان في نفس الثقافات.
• يرى «كولي» أن الأسرة هي تلك الجماعة المسؤولة عن نمو الشخص ونشأته خلال مراحل الطفولة، ومن ثم تصديره للمجتمع في هيئة إنسان ناضج سوي.
• يذهب البعض إلى تعريف الأسرة بأنها مجموعة أشخاص تربطهم مشاعر حميمة وتجمعهم علاقة واحدة كالدم والنسب، ويأويهم مسكن واحد.
• تُعد الأسرة في علم الاجتماع الكيان المجتمعي الذي يضم الأب والأم والأطفال وتربطهم روابط مشتركة، كما أنها المؤسسة التربوية الأولى المسؤول عن إنشاء أبناء أسوياء.
ما هو تعريف الأسرة في اللغة والاصطلاح؟
الأسرة في اللغة
وفقًا لمعاجم المعاني في اللغة العربية فإن مفهوم الأسرة يشير إلى مجموعه من الاشخاص الذين يعيشون في كنف شخص واحد يتولى رعايتهم، ويشتركون في جد واحد سواء من جهة الأب أو الأم.
الأسرة في الاصطلاح
يرمز مصطلح الأسرة إلى جماعة من الناس يقبعون معًا في مكان واحد وتجمعهم علاقة ترابط واحدة، ويتبادلون مشاعر موحدة من ما الاهتمام والحب والمودة، ويتقاسمون نفس الموارد الاقتصادية، وينتمي الطفل إلى تلك الوحدة حتى يكبر ويستقل بذاته مكونًا أسرة أخرى.
مفهوم الأسرة في الإسلام
تطرق الدين الإسلامي إلى تعريف مفهوم الأسرة باعتبارها أحد أكثر الروابط الإنسانية أهمية وصلابة، والذي أشار إليها على أنها عشيرة الرجل وأهليته، ومن هنا يخلص الإسلام إلى أن مفهوم الأسرة يرمز للقوة أو الحصن المنيع الذي يحتمي به المرء، لذلك فالأسرة هي اللبنة الأساسية لإقامة المجتمعات السليمة وتقدمها.
وظائف الأسرة في علم الاجتماع
تتولى الأسرة مهام عظيمة باعتبارها النواة الرئيسية في المجتمع والمنوطة بالتربية الصحيحة وإعداد النشئ السليم، وتُعد أبرز المسؤوليات الواقعة على عاتق الأسرة ما يلي:
وظيفة اقتصادية
تتمثل في إتاحة حياة كريمة لأبناء الأسرة من حيث المسكن والظروف المعيشية الملائمة كالملبس والمأكل.
وظيفة بيولوجية
تُعد إدامة الجنس البشري إحدى أهم ركائز الأسرة والتي تتحقق نتيجة الإنجاب والتكاثر.
وظيفة اجتماعية
تتحقق مهام الأسرة اجتماعيًا عبر التنشئة السوية وترسيخ الصفات الأخلاقية الحميدة في الأبناء، وتوطيد الأخلاق الحسنة ومبادئ الحب والتسامح والمودة في نفوسهم.
وظيفة نفسية
تودي الأسرة مهامها النفسية على أكمل وجه عندما تستطيع توفير بيئة سليمة يغمرها القرب والتفاهم والحنان، ويحاوطها الأمن والاستقرار النفسي والعاطفي وينعم أفرادها بالحب المتبادل.
دور الأسرة تربويًا
يرتكز دور الأسرة التربوي على الجوانب التالية:
• الأسرة هي المحيط التربوي الأول الذي ينشأ فيه الطفل ويترعرع؛ وبالتالي فإنها تساهم في تشكيل شخصية الطفل وصقلها في المستقبل.
• تلعب الأسرة دورًا هامًا في تشكيل الروابط الأسرية للطفل والتي تحدد فيما بعد سلوكياته وعلاقته مع الأخرين.
• تهيئ الأسرة الطفل لاكتساب مكانة معينة في المجتمع الخارجي؛ وذلك من خلال المكانة التي تمنحها له داخل مجتمعه الصغير وهو البيت.
• تمثل الأسرة مرجعًا أوليًا للطفل فهي مصدره الأساسي لمفاهيمه وقيمه ومبادئه وعاداته وتقاليده وأخلاقه، وتشكل الركيزة النفسية والاجتماعية الأساسية له.
• تنفرد الأسر بتزويد الأطفال بشتى أنواع المهارات والخبرات الحياتية وخاصة في السنوات الأولى من أعمارهم.
• تكون الأسرة هي المسؤول الأول عن توطين المفاهيم والقيم الروحية والوجدانية والأخلاقية في نفوس الأطفال، وإعلامهم ماذا ينبغي عليهم من واجبات وما لهم من حقوق.
أسباب تهدم بنية الأسرة
يسلط علم الاجتماع الضوء على أبرز العوامل التي يمكن أن تكون سببًا أساسيًا في تهديد بنية وترابط الأسرة، ويتلخص أهمها فيما يلي:
1. الخلافات الأسرية المعقدة والعنف الأسري الذي يؤدي إلى الانفصال؛ مما يترتب عليه تفكك تماسك الأسرة وتشتت أعضائها وتشريد أطفالها.
2. تراخي أحد أفراد الأسرة وتباطئه عن آداء المهام المنوطة به.
3. الظروف المادية المستعصية تؤدي إلى نشوب الشجار والمناوشات والتي غالبًا ما ينجم عنها في نهاية المطاف الانفصال.
4. التفاوت في المستوى التعليمي والثقافي بين الزوج والزوجة، وكذلك مستوى الحالة الاقتصادية يزيد من احتمالية وقوع المشاكل الزوجية.
5. وجود فجوة نفسية وتباعد معنوي بين كل من الآباء والأبناء.
6. اتباع أسلوب العنف سواء اللفظي أو الجسدي بين الزوجين وخاصة أمام الأطفال يتسبب في بزوغ جيل غير متزن نفسيًا.
أهم ركائز ومقومات الأسرة الناجحة
إليكم مجموعة من المقومات التي يجب أن تتحلى بها الأسرة حتى يتسنى لها أن تنشأ في جو سوي ومستقر نفسيًا ومعنويًا:
* ضرورة توفير متطلبات الحياة الأساسية والتي يأتي في مقدمتها الغذاء الكافي؛ فالطعام هو أهم مصادر الحياة فوجوده أمر ضروري لا يقبل التفاوض.
* إتاحة كافة سُبل الرعاية الجسدية والصحية لجميع أفراد الأسرة؛ من خلال توفير بيئة معيشة مناسبة خالية من الأمراض أو المخاطر الصحية.
* توافر المأوى السكني الملائم فهو حق أساسي لكل فرد.
* التعليم حق إنسان مكفول لكافة البشر؛ لذا ينبغي على الأسرة الاهتمام بتعليم أبنائها، وتأمين مستقبلهم الدراسي.
* التربية السليمة؛ يتوجب على الأسرة في علم الاجتماع أن تتولى عملية التنشئة الصحيحة لأبنائها من خلال ترسيخ القيم والمفاهيم الأخلاقية في نفوسهم.
* المحبة والتناغم بين أفراد الأسرة أمر ضروري؛ حيث يساعد التقارب والتفاهم بين الآباء والأبناء إلى خلق جيل سوي وواثق نفسيًا.
* التواصل الاجتماعي الإيجابي؛ من خلال المشاركات الفكرية والثقافية والوجدانية بين جميع أفراد الأسرة؛ فذلك من شأنه إيجاد نوعًا من القوة والترابط والرضا والارتياح بين بعضهم البعض.
* التزام كل طرف بالحقوق والواجبات المنوطة به سواء على الجانب الوجداني أو المادي من أجل أن تنعم الأسرة في بيئة مفعمة بالحب والإشباع النفسي والمعنوي.
* قضاء أكبر وقت ممكن مع الأسرة وتبادل النقاشات والحوارات المتنوعة؛ فذلك من شأنه فتح آفاق فكرية ومعنوية جديدة بين الآباء والأبناء.
* تبادل المحبة والتقدير بين أعضاء الأسرة الواحدة؛ من خلال الاعتراف بمكانة كل شخص ومنحه جانبًا من الحب والتميز.
* مجابهة الضغوط النفسية الصعبة؛ فالأسرة الناجحة لا تعني الأسرة التي ليس لديها مشكلات، وإنما هي القادرة على مواجهة تحدياتها ومعضلاتها بهدوء وحكمة.
بعد أن تطرقنا من خلال هذا المقال إلى تعريف الأسرة شامل في علم الإجتماع، وتناول الموضوع من مختلف المحاور تجدر الإشارة إلى توطيد دور الأسرة الفعال في التنشئة الصحيحة التي تساهم في خلق مجتمع سوي نفسيًا واجتماعيًا، متدين أخلاقيًا ودينيًا، وواعي فكريًا وثقافيًا، قادر على النهوض بالأمة إلى الأمام.
اقرأ أيضًا